ظاهرة إدمان الهاتف لساعات طويلة من الليل
الحمدلله والصلاة والسلام على أشرف خلق الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
(يابن آدم إن الليل والنهار يعملان فيك فعمل فيهما)
فهذه كلمات موجزة حول ظاهرة إدمان الهواتف لحد متأخر من الليل، والتي أشغلت بال الغيورين على مجتمعهم المسلم، وهي ظاهرة كغيرها من الظواهر؛ لها أعراض وأسباب وعلاج بإذن الله.
ولولا أن الشيطان يفرح بأن لا ينصح أحدٍ أحد، لما كتبت في هذا الجانب المقصر فيه، لذا أسأل الله أن يعينني وإياكم على ما فيه خير وإيمان وطاعة وسعادة في الدنيا والآخرة.
الأعراض
١- تضييع صلاة الفريضة
بالتأخر عن صلاة العشاء والنوم عن صلاة الفجر
فلا يزال بإنشغال محموم بالهاتف حتى ساعات متأخرة فيتعب ويبحث عن النوم قبيل الفجر بساعات أو دقائق وهذا بسبب نفاد طاقة أجهزة الإنسان وإنتهاء شحنها بالنوم والراحة والطاعة.
٢- تضييع صلاة الليل
في هذا الوقت تكون بطارية الأجهزة في أوج عطائها وبالمقابل فإن "باعث قيام الليل" يكون نحيفاً هزيلاً ناقصاً أو فاقداً للعطاء الأخروي
٣- تضييع صفو الخلوة
الخلوة صفحة بيضاء "لكل ما ينفع بالآخرة" غير أن صفحات تطبيقات الإنترنت تنكت وتطبع بتلك الصفحة الناصعة، ومثل ما يعرض في صفحات الإنترنت وتأثيرها على القلب : (كالحصيرِ عودًا عودًا فأيُّ قلبٍ أُشرِبَها نُكِتَ فيهِ نُكتةٌ سَوداءُ وأيُّ قلبٍ أنكرَها نُكِتَ فيهِ نُكتةٌ بَيضاءُ حتَّى تصيرَ علَى قلبَينِ: علَى أبيضَ مِثلِ الصَّفا فلا تضرُّهُ فتنةٌ ما دامتِ السَّماواتُ والأرضُ والآخرُ أسوَدُ مُربادًّا كالكوزِ مُجَخِّيًا "أي: كالكوب المائل الذي لا يدخله شراب يرويه ويقويه" لا يعرِفُ معروفًا ولا ينكرُ مُنكرًا إلَّا ما أُشرِبَ مِن هواهُ) رواه مسلم. فإن تكن الصفحات خيراً فخير وإن شراً فشر.
٤- تضييع غايات وأعمال ومشاريع هامة
كل إنسان لديه طاقة كبيرة إذا سارت بمسارها الصحيح، هذه الطاقة تتلاشى لو كانت موزعة في مسارات متعددة، أرأيت الورقة إذا ألقيتها تحت أشعة الشمس هل تحترق؟ لا. لكن إذا ركزت أشعة الشمس عليها ووضعت مكبر عليها هل تحترق؟ تحترق في ثوانٍ. فتشتيت الهواتف للذهن والطاقة من أعراض السهر.
٥- عدم الاستيقاظ بإرادة قوية صباحاً
فتمتد وتمتد آثار السهر الطويل و الوقت الضائع والطاعة المنصرمة لتظهر على قسمات الوجه صباحاً لتؤثر على راحة جسم الإنسان التي تجلب بأخذ البدن نصيبه من الطاعة والنوم المصحوب بنية الطاعة، فمن متاعب السهر تأثيره في الإستيقاظ الفجر وعلى وقت العمل، فلا يزال يتقلب بأعراض تلك المشكلة لتمتد وتمتد.
الأسباب
١ - كثرة البرامج والطرح التقني وإنجذاب النفس لكل جديد
تذكر هذه المقولة الجميلة للشيخ خالد الخليوي حفظه الله بحسابه بالإنستقرام وهو يشير بإصبعه إلى الهاتف : "تتعب وأنت تقول ما أجمل هذا الجهاز وما أعجبه وما أنفعه، وفي المقابل تتعب وأنت تقول: ما أخطره. وأَنت الَذيِ يُحدَّد، ما أنفعه أو ما أخطره".
٢- إدمان الألعاب الإلكترونية.
وهنا تشتعل نار المغامرة والتحدي الزائف فيلتهي القلب عن ذكر الله في أوقات الليل الفاضلة، وقد ساعد هذا الأمر على أن الناس يتقلبون في السهر ويتقبلونه "إضافة إلى كثرة الألعاب المسلية وتنوعها وتفنن المعاصرين في إخراجها وترتيبها" زاد الطين بلل.
من كتاب: إتحاف الأغر بحكم السهر_ تأليف: سعد الصرامي_ ص١١
٣- الفراغ وعدم الشعور بالوقت.
"وكأن الوقت عدو لدود يُراد القضاء عليه" من كتاب: إتحاف الأغر بحكم السهر_ تأليف: سعد الصرامي_ ص١٠
٤- عدم إدراك الغاية التي من أجلها خلق الإنسان
واستشعارها في كل وقت وحين :{ وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } ومن العبادة ترك الإنشغال فيما يؤثر على دينك ودنياك من إدمان مسك الهاتف والإنغراق في السهر الغير نافع.
العلاج
١_ تذكر أن السهر مع الهاتف قد يضيع عليك ساعة الأستجابة. ففي الليل ساعة أستجابة ينزل فيها الرب تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا ويقول: هل من سائل فأعطيه، هل من مستغفر فأفغفر له.
هل ستكون بطل هذه الساعة وتتغلب على كل ما يشوبها من شوائب الدنيا؟ كن ذاك الرجل.
٢- تذكر أن صحتك أولى من كل شيء.
يقول الأطباء: من النظريات التي تفسر حالات النوم وما يلازمه من تغيرات وظيفية وحسية وأن هناك هرمونات عديدة ومنها هرمون يفرز في حالة النوم يساعد الإنسان على الراحة والإطمئنان.
فضلاً عن أن هناك دراسات طبية أخرى تشدد على خطر الهواتف على العين والغرفة مظلمة وضوء الهاتف مُشع جداً، وهذا ملاحظ.
٣- إلزام الآباء الأبناء بتجنب الآيباد والتاب والهواتف.
"ومحاسبتهم على تأخرهم والسؤال عن إهدار هذه الأوقات. وعدم النوم إلا بعد التأكد من وجودهم في المنزل وعدم وجود الأجهزة لجانبهم.
٤- تعاون المجتمع على مواجهة هذه الظاهرة.
فلابد من تعاون البيت والمدرسة وأئمة المساجد والدعاة والمصلحين من منسوبي الإعلام لتدارس هذه الظاهرة وسيصلون إلى نتيجة مرضية لهذه الأجيال التي ألقت بثقلها على كواهلهم.
من كتاب: إتحاف الأغر بحكم السهر_ تأليف: سعد الصرامي_ ص٢٠
٥- الدعاء بصلاح الدين والدنيا.
فقد علمنا رسولنا صلى الله عليه وسلم دعاء فيه الخير العظيم لنا في حياتنا، فكان يكثر من الدعاء: (اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار). ومن دعائه صلى الله عليه وسلم: (اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي وأجعل الحياة زيادة لي في كل خير واجعل الموت راحةً لي من كل شر).
وفي الختام :
قد يلج الإنسان باب هو لايريد دخوله، وقد ينصح المرء وهو بحاجة لنصح، ولكن عزائي إلى أنها كلمات جاءت لإبراء للذمة، وتوعية الجيل، ورفع أهل ديني عن كل ما عساه أن يؤخرهم في دينهم ودنياهم، والله المستعان، وهو كافي الأنام، هو حسبي ونعم الوكيل.
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.
ليست هناك تعليقات